تعريف التصوف





من حيث اللغة 

كثرت الأقوال في اشتقاق التصوف عند المسلمين على عدة أقوال، أشهرها  {1}
-        أنه من الصوفة : لأن الصوفي مع الله كالصوفة المطروحة، لاستسلامه لله تعالى.
-        أنه من الصِّفة : إذ أن التصوف هو اتصاف بمحاسن الأخلاق والصفات، وترك المذموم منها.
-        أنه من الصُفَّة : لأن صاحبه تابعٌ لأهل الصُفَّة الذين هم الرعيل الأول من رجال التصوف ( وهم مجموعة من المساكين الفقراء كانوا يقيمون في المسجد النبوي الشريف ويعطيهم رسول الله من الصدقات والزكاة طعامهم ولباسهم).
-        أنه من الصف : فكأنهم في الصف الأول بقلوبهم من حيث حضورهم مع الله؛ وتسابقهم في سائر الطاعات.
-        أنه من الصوف : لأنهم كانوا يؤثرون لبس الصوف الخشن للتقشف والزهد فى متاع الدنيا.
-        أنه من الصفاء : فلفظة "صوفي" على وزن "عوفي"، أي: عافاه الله فعوفي .

-        وقال أبو الفتح البستي  :
تنازع الناس في الصوفي واختلفوا               وظنه البعض مشتقا من الصوف
ولست أمنح هذا الاسم غير فتى          صفا فصوفي حتى سمي الصوفي

-        وكرأي آخر، يقول الشيخ ابن الجوزي في محاولته التي اعتبرها علماء آخرون تقليلاً من شأن التصوف الإسلامي، ذكر في كتابه تلبيس ابليس : يُنسب الصوفيين إلى صوفة بن مرة) والذي نذرت له والدته أن تعلقه بأستار الكعبة فأطلق اسم (صوفي) على كل من ينقطع عن الدنيا وينصرف إلى العبادة فقط  .

-        وقد أرجع بعض الباحثين والمؤرخين المختصين بعلوم الديانات القديمة من غير المتصوفة، الكلمة إلى أصل يوناني، هو كلمة: (سوفيا )، ومعناها الحكمة . وأول من عرف بهذا الرأي: البيروني {2} ووافقه الدكتور محمد جميل غازي، الذي قال: " الصوفية كما نعلم اسم يوناني قديم مأخوذ من الحكمة (صوفيا) وليس كما يقولون إنه مأخوذ من الصوف" {4} {3}.

-        وقد رد الدكتور عبد الحليم محمود على هذا الرأى وقال : ورأى البيرونى هذا على طرافته لا يستقيم ، لسبب بسيط ؛ وهو أن التسمية بالصوفى كانت موجودة قبل ترجمة الحكمة اليونانية إلى اللغة العربية {5}

-        وقال الإمام القشيري : ليس يشهد لهذا الاسم من حيث العربية قياس ولا اشتقاق والأظهر أنه كاللقب يعتبر اسم الصوفي اسما جامدا أو لقبا أطلق على هذه الطائفة يميزها عن غيرها.

من حيث الاصطلاح

كثرت الأقوال أيضا في تعريف التصوف تعريفا اصطلاحيا على آراء متقاربة، كل منها يشير إلى جانب رئيسي في التصوف، والتي منها:
-        قول الشيخ زكريا الانصارى:  التصوف علم تعرف به أحوال تزكية النفوس، وتصفية الأخلاق وتعمير الظاهر والباطن لنيل السعادة الأبدية  . {6}

-        وقول الشيخ أحمد زروق:  التصوف علم قصد لإصلاح القلوب وإفرادها لله تعالى عما سواه.
والفقه لإصلاح العمل وحفظ النظام وظهور الحكمة بالأحكام .
والأصول "علم التوحيد"  لتحقيق المقدمات بالبراهين وتحلية الإيمان بالإيقان {7}
وقال أيضا : وقد حُدَّ التصوف ورسم وفسر بوجوه تبلغ نحو الألفين مرجع ، كلها لصدق التوجه إلى الله، وإنما هي وجوه فيه  {8}

-        وقول الامام الجنيد:  التصوف استعمال كل خلق سني، وترك كل خلق دني{9}

-        وقول الشيخ أبو الحسن الشاذلي:  التصوف تدريب النفس على العبودية ، وردها لأحكام الربوبية  .  {10}

-        وقال الشيخ أبو حفص : التصوف كله آداب لكل وقت أجب ولكل مقام أدب فمن لزم آداب الأوقات بلغ مبلغ الرجال ومن ضيع الآداب فهو بعيد من حيث يظن القرب ومردود من حيث يرجو القبول  .   {11}

-        وقول ابن عجيبة:  التصوف هو علم يعرف به كيفية السلوك إلى حضرة ملك الملوك، وتصفية البواطن من الرذائل، وتحليتها بأنواع الفضائل ، وأوله علم ، ووسطه عمل، وآخره موهبة  {12}

-        وقول الشيخ عمر بن عثمان المكي : التصوف أن يكون العبد في كل وقت بما هو أولى به في الوقت.

-        وقول الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي : التصوف اسم حادث لمسمى قديم إذ إن مسماه لا يعدو كنونه سعيا إلى تزكية النفس من الأوضار العالقة بها عادة كالحسد والتكبر وحب الدنيا وحب الجاه وكذلك ابتغاء توجيهها إلى حب الله عز وجل والرضا عنه والتوكل عليه والإخلاص له   . {13}

-        وقال العلامة حسنين محمد مخلوف مفتي الديار المصرية الأسبق: التصوف هو تربية علمية وعملية للنفوس ، وعلاج لأمراض القلوب ، وغرس للفضائل ، واقتلاع للرذائل وقمع للشهوات ، وتدريب على الصبر ، والرضا والطاعات  {14}  .

-        ويقول الشيخ محمد متولى الشعراوى : التصوف رياضة روحية لأنها تلزم الإنسان بمنهج تعبدي لله فوق ما فرضه.. وهذه خطوة نحو الود مع الله ..



تعريف الصوفية

-      قال السراج الطوسى : إذا قيل لك : الصوفية من هم في الحقيقة ؟ صفهم لنا ،
فقل: هم العلماء بالله وبأحكام الله ، العاملون بما علمهم الله تعالى ، المتحققون بما استعملهم الله عز وجل {15}  .

-      وقال ذو النون : الصوفية هم قوم آثروا الله تعالى على كل شيء فآثرهم الله على كل شيء.


تعريف الصوفي

-        قال الإمام الرفاعي الكبير: الصوفي من صفى سره من كدورات الأكوان، وما رأى لنفسه على غيره مزية . {16}

-        وقال رضي الله عنه يذكر علامة الصوفي الصادق : الصوفي
هو الصادق في جميع الحركات .
المتقلل من المباحات  .
والصمم عن كثير من المسموعات .
وأن لا يطلب المعدوم حتى يبذل المجهول والموجود ( أي لا يطلب الرزق الغائب حتى ينفق الحاضر) .
ويقطع الحيلة حتى لا يرى في أحواله وشدته ورخائه وتقلبه غير خالقه ومكونه .
وإن الفقير متى نظر إلى ما يلبس التبس عليه أمره .
ومتى رأى الخلق من دونه ظهرت عيوبه .
الفقير ابن وقته يرى كل نفس من أنفاسه أعز من الكبريت الأحمر ، يودع لكل ساعة ما يصلح لها ، ولا يضيع شيئا    {17}   

-        وقال أيضا : الصوفي لا يسلك غير طريق الرسول المكرم صلى الله عليه وآله وسلم فلا يجعل حركاته وسكناته إلا مبنية عليه.

-        وقال أبو علي الروذباري : الصوفي من لبس الصوف على الصفا ، وأذاق الهوى طعم الجفا ، ولزم طريق المصطفى ، وكانت الدنيا منه على القفا.   {18}

-        وقال السهروردي : الصوفي هو الذي يكون دائم التصفية ، ولا يزال يصفي الأوقات من شوب الأكدار بتصفية القلب عن شوب النفس ، ويعينه على كل هذا دوام افتقاره إلى مولاه فبدوام الافتقار ينقي الكدر ، وكلما تحركت النفس وظهرت بصفة من صفاتها أدركها ببصيرته النافذة وفر منها لربه ، فهو قائم بربه على قلبه ، وقائم بقلبه على نفسه ، قال الله تعالى " كونوا قوامين بالقسط "  وهذه القوامية لله على النفس هي التحقق بالتصوف.

-         وقال الشيخ الشعراوي: الصوفي هو الذي يتقرب إلى الله بفروض الله ثم يزيدها بسنة الرسول عليه الصلاة والسلام من جنس ما فرض الله ، وأن يكون عنده صفاء في استقبال أقضية العبادة فيكون صافيا لله والصفا هو كونك تصافي الله   {19}




 

1-      من كتاب حقائق عن التصوف، تأليف: عبد القادر عيسى، ص25.
2-      البيروني، " تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة"
3-      غازي محمد جميل، " الصوفية الوجه الآخر"، ص47
4-       محيي الدين ابن عربي، الفتوحات المكية في معرفة الأسرار المالكية والملكية، 2/266
5-       قضية التصوف ص 30 .
6-      على هامش الرسالة القشيرية ص7.
7-       قواعد التصوف ، تأليف: أحمد زروق، قاعدة 13 ص 6.
8-      قواعد التصوف ، تأليف: أحمد زروق، ص2.
9-      النصرة النبوية ، تأليف: مصطفى المدني ص22.
10-  نور التحقيق، تأليف: حامد صقر ص93.
11-  طبقات الصوفية ص 119.
12-  معراج التشوف إلى حقائق التصوف، تأليف: أحمد بن عجيبة الحسني ص4.
13-  كتاب السلفية للدكتور محمد سعيد رمضان البوطي ص 189.
14-  السالكون إلى الله ص 15.
15-  اللمع ص (47).
16-  البرهان المؤيد ص 69.
17-   النظام الخالص لأهل الاختصاص ص 59- 60 .
18-   معيد النعم ومبيد النقم ص 94 .
19-  أصول الوصول ص 337.

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات: