دعوة أئمة التصوف للعمل بالشريعة
-
التصوف ذلك المظلوم المتهم ، قليل من ينصفه
بل بلغت الجراءة والوقاحة ببعضهم إنه جعله من صفات الذم والقدح التي تسقط بها
الشهادة وتزول بها العدالة فيقول : فلان ليس بثقة ولا يقبل خبره لماذا ؟ لأنه صوفي
.
-
والعجيب الغريب أننا نرى بعض هؤلاء الذين
يذمون التصوف ويحاربون أهله ويناصبونهم العداء ، نرى بعض هؤلاء المنكرين يفعل ما
يفعل ، ويقول ما يقول عن التصوف ، ثم لا يستحي على وجهه حينما ينقل كلام هؤلاء
الأئمة من الصوفية في خطبه وكلامه على منابر الجمعة وكراسي الدروس ، فيقول بكل
بجاحة ووقاحة : قال الفضيل بن عياض ، وقال الجنيد ، وقال الحسن البصري ، وقال سهل
التستري ، وقال المحاسبي ، وقال بشر الحافي .
-
وهؤلاء هم أئمة التصوف وأقطابه وأركانه
وقواعده وبنيانه ، وكتب التصوف مشحونة بأقوالهم وأخبارهم ومناقبهم وشمائلهم ، فلا
أدري أهو جهل أم تجاهل ؟ وعمي أو تعامي ؟ .
-
وقد أحببت أن أنقل كلام أئمة الدين الذين هم
أركان التصوف ورجاله ، أردت أن أنقل كلامهم عن الشريعة الإسلامية لنعرف موقفهم
الحقيقي ، لأن الواجب أن نعرف الشخص عن الشخص نفسه ، فالإنسان هو خير من يتحدث عن
رأيه وأوثق من يظهر ما يضمر .
·
من أقوال الشيخ إبراهيم القرشى الدسوقى رضى الله عنه :
-
من لم يكن متشرعا متحققا نظيفا عفيفا شريفا فليس من أولادى ولو كان ابنى لصلبى
، وكل من كان من المريدين ملازما للشريعة والحقيقة والطريقة والديانة والصيانة و الزهد
والورع وقلة الطمع فهو ولدى وإن كان من أقصى البلاد .
وكان يقول
: الشريعة أصل والحقيقة فرع
، فالشريعة جامعة لكل علم مشروع والحقيقة جامعة لكل علم خفى وجميع المقامات مندرجة
فيها .
-
وقال الإمام الجنيد رضي الله
عنه : الطرق كلها مسدودة عن الخلق إلا من اقتفى أثر رسول الله واتبع سنته ولزم
طريقته ، لأن طرق الخيرات كلها مفتوحة عليه ، وعلى المقتفين أثره والمتابعين .
-
وقول أبو الحسن الشاذلي: إِذا عارض كشفُك الصحيح الكتابَ والسنة فاعمل بالكتاب والسنة ودع
الكشف، وقل لنفسك: إِن الله ضمن لي العصمة في الكتاب والسنة، ولم يضمنها لي في
جانب الكشف والإِلهام .
-
وقول سهل التستري: أصولنا سبعة أشياء: التمسك بكتاب الله، والاقتداء بسنة
رسوله، وأكل الحلال، وكفِ الأذى، واجتناب الآثام، والتوبة، وأداء الحقوق .
-
وقال سليمان عبد الرحمن بن
عطية الداراني : ربما وقع في قلبي النكتة من نكت القوم
أياماً ، فلا أقبل منه إلا بشاهدين عادلين : الكتاب والسنة ، وقوله : منه أي من
قلبي .
-
وقول الشيخ عبد الوهاب الشعراني: إن طريق القوم - أي الصوفية - محررة على الكتاب والسنة كتحرير الذهب
والجوهر، فيحتاج سالكها إِلى ميزان شرعي في كل حركة وسكون.
-
وقول أبي يزيد البسطامي حيث سئل عن الصوفي فقال: « هو الذي
يأخذ كتاب الله بيمينه وسنة رسوله بشماله، وينظر بإِحدى عينيه إِلى الجنة،
وبالأخرى إِلى النار، ويأتزر بالدنيا، ويرتدي بالآخرة، ويلبي من بينهما للمولى:
لبيك اللهم لبيك .
-
وجاء أن أبا يزيد البسطامي قدس
سره قال ذات يوم لأصحابه : قوموا بنا حتى ننظر إلى ذلك الذي قد شهر نفسه
بالولاية ، قال : فمضينا ، فإذا بالرجل قد قصد المسجد فرمى بزاقه نحو القبلة
فانصرف أبو يزيد ولم يسلم عليه ، وقال : هذا ليس بمأمون على أدب من آداب رسول الله
فكيف يكون مأموناً على ما يدعيه من مقامات الأولياء والصديقين قال ذو النون المصري
: مدار الكلام أربع : حب الجليل وبغض القليل واتباع التنزيل وخوف التحويل . من
علامات المحب لله عز وجل متابعة حبيب الله في أخلاقه وأفعاله وأوامره وسننه .
-
وقال السري السقطي : التصوف اسم لثلاثة معان : وهو
الذي لا يطفئ نور معرفته نور ورعه ، ولا يتكلم بباطن في علم ينقضه عليه ظاهر
الكتاب والسنة ولا تحمله الكرامات على هتك أستار محارم الله .
-
وقال أبو نصر بشر بن الحارث الحافي : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ،
فقال لي : يا بشر ! أتدري لم رفعك الله بين أقرانك ؟ قلت : لا يا رسول الله ، قال
: باتباعك لسنتي وخدمتك للصالحين ، ونصيحتك لإخوانك ومحبتك لأصحابي وأهل بيتي -
هذا هو الذي بلغك منازل الأبرار .
-
وقول
أبو الحسين الوراق: لا يصل العبد إِلى الله إِلا
بالله، وبموافقة حبيبه في شرائعه، ومَنْ جعل الطريق إِلى الوصول في غير الاقتداء
يضل من حيث يظن أنه مهتد . .
-
وقال أبو يزيد بن طيفور بن
عيسى البسطامي : لقد هممت أن أسأل الله تعالى أن يكفيني مؤنة
الأكل ، ومؤنة النساء ، ثم قلت : كيف يجوز لي أن أسأل الله هذا ، ولم يسأله رسول
الله صلى الله عليه وسلم إياه ، فلم أسأله ثم إن الله سبحانه وتعالى كفاني مؤنة
النساء حتى لا أبالي استقبلتني امرأة أو حائط
وقال أيضاً : لو نظرتم إلى رجل أعطي من الكرامات حتى
يرتقي في الهواء ، فلا تغتروا به ، حتى تنظروا كيف تجدونه عند الأمر والنهي ، وحفظ
الحدود ، وأداء الشريعة .
-
وقال أبو الحسن أحمد بن أبي
الحوارى : من عمل عملاً بلا اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فباطل .
-
وقال أبو حفص عمر بن سلمة
الحداد : من لم يزن أفعاله في كل وقت بالكتاب والسنة ، ولم يتهم خواطره ، فلا تعده
في ديوان الرجال .
-
وقال أبو القاسم الجنيد بن
محمد : من لم يحفظ القرآن ولم يكتب الحديث لا يقتدى به في هذا الأمر ، لأن علمنا
مقيد بالكتاب والسنة . وقال أيضاً : مذهبنا هذا مقيد بأصول الكتاب والسنة ، علمنا
هذا مشيد بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .
-
وقال أبو عثمان سعيد بن
إسماعيل الحيرى : ولما تغير على أبي عثمان الحال مزق ابنه أبو بكر قميصاً
على نفسه ففتح أبو عثمان عينيه ، وقال : السنة يا بني في الظاهر علامة كمال في
الباطن .
وقال أيضاً : الصحبة مع الله بحسن الأدب ، ودوام الهيبة ،
والصحبة مع الرسول r باتباع سنته ولزوم ظاهر العلم ،
والصحبة مع أولياء الله تعالى بالاحترام والخدمة ، والصحبة مع الأهل بحسن الخلق ،
والصحبة مع الإخوان بدوام البشر ما لم يكن إثماً ، والصحبة مع الجهال بالدعاء
والرحمة .
وقال أيضاً : من أمَّر السنة على نفسه قولاً وفعلاً نطق
بالحكمة ، ومن أمَّر الهوى على نفسه قولاً وفعلاً نطق بالبدعة ، قال تعالى : }
وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا { .
-
وقال أبو الحسن بن محمد النوري
: من رأيته يدعي مع الله حالة تخرجه عن حدِّ العلم الشرعي فلا تقربن منه .
-
وقال أبو الفوارس شاه بن شجاع
الكرماني : من غض بصره عن المحارم ، وأمسك نفسه عن الشهوات ، وعمر باطنه بدوام
المراقبة ، وظاهره باتباع السنة ، وعود نفسه أكل الحلال لم يخطئ له فراسته .
-
وقال أبو العباس أحمد بن محمد
بن سهل بن عطاء الأدمى : من ألزم نفسه آداب الشريعة نوَّر الله قلبه بنور
المعرفة ، وأعطى به مقام متابعة الحبيب r في أوامره ، وأفعاله ،
وأخلاقه
وقال أيضاً : كل ما سئلت عنه فاطلبه في مفزة العلم ، فإن
لم تجده ، ففي ميدان الحكمة ، فإن لم تجده فزنه بالتوحيد ، فإن لم تجده في هذه
المواضع الثلاثة فاضرب به وجه الشيطان .
-
وقال أبو حمزة البغدادي البزاز
: من علم طريق الحق تعالى سهل عليه سلوكه ، ولا دليل على الطريق إلى الله
تعالى إلا متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم ، في أحواله ، وأفعاله ، وأقواله .
-
وقال أبو إسحاق إبراهيم بن
داود الرقي : علامة محبة الله : إيثار طاعته ومتابعة نبيه
-
وقال ممشاد الدينوري : أدب المريد في التزام حرمات المشايخ ، وخدمة
الإخوان ، والخروج عن الأسباب وحفظ آداب الشرع على نفسه .
-
وقال أبو محمد عبد الله بن
منازل : لم يضيِّع أحد فريضة من الفرائض إلا ابتلاه الله تعالى بتضييع السنن ، ولم
يبتَل أحد بتضييع السنن إلا أوشك أن يبتلى بالبدع .